28‏/02‏/2010

منزلة الصلاة في الاسلام

إن الحمد للّه، نحمده، و نستعينه، و نستغفره، و نعوذ باللّه من شرور أنفسنا، و سيئات أعمالنا، من يهده اللّه فلا مضل له، و من يضلل فلا هادي له، و أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أن محمَّدًا عبده و رسوله، صلى اللّه عليه و على آله و أصحابه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، و سلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد: فهذه رسالة مختصرة في: (( منزلة الصلاة في الإسلام )) بيَّنت فيها بإيجاز مفهوم الصلاة، و حكمها، و منزلتها، و خصائصها، و حكم تاركها، و فضلها، بالأدلة من الكتاب و السنة. و قد استفدت كثيرًا من تقريرات و ترجيحات سماحة شيخنا الإمام العلامة عبد العزيز بن عبد اللّه ابن باز رفع اللّه درجاته في الفردوس الأعلى. و االّه أسأل أن يجعل هذا العمل القليل مباركًا، و خالصًا لوجهه الكريم، و أن ينفعني به في حياتي و بعد مماتي، و ينفع به كل من انتهى إليه، فإنه سبحانه خير مسؤول، و أكرم مأمول، و هو حسبنا و نعم الوكيل، و لا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم، و صلى اللّه و سلم على نبينا محمد و على آله، و أصحابه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. المبحث الأول: مفهوم الصلاة* الصلاة لغة: الدعاء، قال اللّه تعالى: ﴿ خُذْ منْ أَمْوَلِهمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ و تُزَكِّيهِمْ بِهَا و صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صلواتك سَكَنٌ لَّهُمْ وَ آللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ - 1 - . أي ادع لهم، و قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: (( إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائمًا فليصلِّ و إن كان مفطرًا فليطعم )) -2- . أي فليدع بالبركة و الخير و المغفرة -3- . و الصّلاة من اللّه حسن الثناء، و من النلائكة الدعاء، قال اللّه تعالى: ﴿ إنَّ اللَّهَ وَ مَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى آلنَّبِيِّ يَا أَيُّهَا آلَّذِينَ ءامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ (4). قال أبو العالية: ( صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة، و صلاة الملائكة الدعاء )(5). و قال ابن عباس - رضي اللّه عنهما - : ( يصلون: يُبَرِّكُون )(6). و قيل إن صلاة اللّه الرحمة، و صلاة الملائكة الإستغفار. و الصوا ب القول الأول(7). قال اللّه تعالى: ﴿ أُوْلئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُوْلئِكَ هُمُ آلْمُهْتَدُونَ ﴾ (8). أي عليهم ثناء من اللّه و رحمة(9)، فعطف الرحمة على الصلوات و العطف يقتضي المغايرة(10). فالصلاة من اللّه الثناء، و من المخلوقين: الملائكة، و الإنس، و الجن: القيام، و الركوع، و السجود، و الدعاء، و التسبيح، و الصلاة من الطير و الهوام: التسبيح(11). و الصلاة في الشرع: عبادة اللّه ذات أقوال و أفعال معلومة مخصوصة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم، و سميت صلاة لاشتمالها على الدعاء(12). فالصلاة كانت إسمًا لكل دعاء فصارت إسمًا لدعاء مخصوص، أو كانت إسمًا لدعاء فنقلت إلى الصلاة الشرعية لما بينها و بين الدعاء من المناسبة، و الأمر في ذلك متقارب، فإذا أطلق اسم الصلاة في الشرع لم يفهم منه إلا الصلاة المشروعة(13). فالصلاة كلها دعاء: دعاء مسألة: و هو طلب الثواب بالأعمال الصالحة: من القيام، و القعود، و الركوع، و السجود، فمن فعل هذه العبادات فقد دعا ربه و طلبه بلسان الحال أن يغفر له، فتبين بذلك أن الصلاة كلها دعاء مسألة و دعاء عبادة، لاشتمالها على ذلك كله(14). المبحث الثاني: حكم الصلاةالصلاة واجبة بالكتاب و السنّة و إجماع الأمة، على كل مسلم و عاقل، إلا الحائض و النفساء، أما الكتاب فقول اللّه تعالى: ﴿ وَ مَا اُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ آللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ آلدِّينَ حُنَفَآءَ وَ يُقِيمُواْ آلصَّلاَةَ وَ يُؤْتُواْ آلزَّكَاةَ وَ ذَلِكَ دِينُ آلْقَيِّمَةِ ﴾ (15). و قوله تعالى: ﴿ إِنَّ آلصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى آلْمُؤْمِنِينَ كِتابًا مَّوْقُوتًا ﴾ (16). و أما السنة، فلحديث معاذ - رضي اللّه عنه - حينما بعثه النبي صلى اللّه عليه و سلم إلى اليمن و قال له: (( و أعلمهم أن اللّه افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم و ليلة )) (17) ، و لحديث ابن عمر - رضي اللّه عنهما - عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: (( بُنِيَ الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلاَّ اللّه و أن محمدًا رسول اللّه، و إقام الصّلاة، و إيتاء الزكاة، و صيام رمضان، و حج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً )) (18). و عن عبادة بن الصامت - رضي اللّه عنه - قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: (( خمس صلوات كتبهن اللّه على عباده، فمن جاء بهن لم يضيِّع منهن شيئًا استخفافًا بحقهنَّ كان له عند اللّه عهدًا أن يدخله الجنة .. )) الحديث (19). و الآيات و الأحاديث في فرضية الصلاة كثيرة. و أما الإجماع، فقد أجمعت الأمة على وجوب خمس صلوات في اليوم و الليلة (20). و لا تجب على الحائض و النفساء، لقوله - عليه الصلاة و السلام - : (( أليست إذا حاضت لم تصلِّ و لم تصم )) (21). المبحث الثالث: منزلة الصلاة في الإسلامالصلاة لها منزلة عظيمة في الإسلام، و ممايدل على أهميتها م عظم منزلتها ما يأتي: 1- الصلاة عماد الدين الذي لا يقوم إلا به، ففي حديث معاذ -ر ضي اللّه عنه - أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: (( رأس الأمر الإسلام، و عموده الصلاة، و ذروة سنامه الجهاد)) (22). و إذا سقط العمود سقط ما بني عليه. 2- أول ما يحاسب عليه العبد من عمله، فصلاح عمله و فساده بصلاح صلاته و فسادها، فعن أنس بن مالك - رضي اللّه عنه - عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: (( أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة: الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله و إن فسدت فسد سائر عمله )). و في رواية: (( أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة ينظر في صلاته، فإن صلحت فقد أفلح، [ و في رواية: و أنجح ]، و إن فسدت فقد خاب و خسر )) (23). و عن تميم الداري - رضي اللّه عنه - مرفوعًا: (( أول ما يحاسب به العبد يوم القيامةصلاته، فإن كان أتمها كتبت له تامة، و إن لم يكن أتمها قال اللّه - عز و جل - لملائكته: انضروا هل تجدون لعبدي من تطوع فتكملون بها فريضته، ثم الزكاة كذلك، ثم تؤخذالأعمال على حسب ذلك )) (24). 3- آخر ما يفقد من الدين، فإذا ذهب آخر الدين لم يبق شيء منه، فعن أبي أمامة مرفوعًا: ( لتُنقضن عثرى الإسلام عُروة عُروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها فأولهن نقضًا الحكم و آخرهن الصلاة ) (25). و في رواية من طريق آخر: ( أول ما يرفع من الناس الأمانة، و آخر ما يبقى الصلاة، و رب مصلٍّ لا خير فيه ) (26). 4- آخر وصية أوصى بها النبي صلى اللّه عليه و سلم أمته، فعن أم سلمة - رضي اللّه عنها - أنها قالت، كان من آخر وصية رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: ( الصلاة الصلاة و ما ملكت أيمانكم ) حتى جعل نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلم يجلجلها في صدره و ما يفيض بها لسانه ) (27). 5- مدح اللّه القائمين بها و من أمر بها أهله، فقال تعالى: ﴿ وآذكُرْ فِي آلْكِتَابِ إسْمَاعِيلَ إنَّهُ كَانَ صَادِقَ آلْوَعْدِ وض كَانَ رَسُولاً نَّبِياًّ * وَ كَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِآلصَّلاَةِ وَ آلزَّكَاةِ وَ كَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾ (28). 6- ذم اللّه المضيعين لها و المتكاسلين عنها، قال اللّه تعالى: ﴿ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ آلصَّلاَةَ وَآتَّبَعُواْ آلشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ (29). و قال عز و جل: ﴿ إنَّ آلْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ آللَّهَ وَ هُوَ خَادِعُهُمْ وَ إِذَا قَامُواْ إِلَى آلصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَاءُونَ آلنَّاسَ وَ لاَ يَذْكُرُونَ آللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ (30). 7- أعظم أركان الإسلام و دعائمه العظام بعد الشهادتين، فعن عبد اللّه بن عمر - رضي اللّه عنهما - عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: (( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلاَّ اللّه، و أنَّ محمدًا رسول اللّه، و إقام الصَّلاة، و إيتاء الزكاة، و صوم رمضان، و حج البيت )) (31) 8- مما يدل على عظم شأنها أن اللّه لم يفرضها في الأرض بواسطة جبريل و إنما فرضها بدون واسطة ليلة الإسراء فوق سبع سماوات. 9- فرضت خمسين صلاة، وهذا يدل على محبة اللّه لها، ثم خفف اللّه - عز و جل - عن عباده ففرضها خمس صلوات في اليوم و اللّيلة، فهي خمسون في الميزان و خمس في العمل، و هذا يدل على عظم مكانتها 10- افتتح اللّه أعمال المفلحين بالصلاة و اختتمها بها، و هذا يؤكد اهميتها، قال اللّه تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ آلْمُؤْمِنُونَ * آلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَ آلَّذِينَ هُمْ عَنِ آللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَ آلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَ آلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِضُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ آبْتَغَى وَرآءَ ذَلِكَ فَأوْلاَئِكَ هُمُ آلْعَادُونَ * وَ آلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ راَعُونَ * وَ آلَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِضُونَ ﴾ (32). 11- أمر اللّه النبي محمدًا صلى اللّه عليه و سلم وأتباعه أن يأمروا بها أهليهم، قال اللّه - عز و جل -: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِآلصَّلاَةِ وَ آصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْألُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَ آلْعَاقِبَةُ لِلتَقْوَى ﴾ (33). و عن عبد اللّه بن عمر - رضي اللّه عنهما - عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: ( مروا أولادكم بالصلاة و هم أبناء سبع سنين، و اضربوهم عليها و هم أبناء عشر، و فرِّقوا بينهم في المضاجع ) (34). 12- أُمِرَ النائم و الناسي بقضاء الصلاة، و هذا يؤكد أهميتها، فعن أنس بن مالك - رضي اللّه عنه - عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: ( من نسي صلاة فليصلِّها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك ). و في رواية لمسلم: ( من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها ) (35). و أُلحق بالنائم المُغمى عليه ثلاثة أيام فأقل، و قد روي ذلك عن عمار، و عمران بن حصين و سمرة بن جندب - رضي اللّه عنهم - (36). أما إن كانت المدة أكثر من ذلك فلا قضاء، لأن المُغمى عليه مدة طويلة أكثر من ثلاثة أيام يشبه المجنون بجامع زوال العقل، و اللّه أعلم (37). المبحث الرابع: خصائص الصلاة في الإسلام (38)الصلاة لها شأن انفردت به على سائر الأعمال الصالحة، منها: 1- سمى اللّه الصلاة إيمانًا بقوله تعالى: ﴿ وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ آللَّهَ بِآلنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ (39). يعني صلاتكم إلى بيت المقدس، لأن الصلاة تصدِّقُ عَمَلهُ و قَوْلَهُ. 2- خصها اللّه بالذكر تمييزًا لها من بين شرائع الإسلام، قال اللّه تعالى: ﴿ آتْلُ مَآ أُوحِىَ إِلَيْكَ مِنَ آلْكِتَابِ ﴾ (40) و تلاوته اتباعه و العمل بما فيه من جميع شرائع الدين، ثم قال: ﴿ وَ أَقِمِ آلصَّلاَةَ ﴾ فخصها بالذكر تمييزًا لها، و قوله تعالى: ﴿ وَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ آلْخَيْرَاتِ وَ إِقَامَ آلصَّلاَةِ ﴾ (41) خصها بالذكر مع دخولها في جميع الخيرات، و غير ذلك كثير. 3- قرنت في القرآن الكريم بكثير من العبادات، و من ذلك قوله تعالى: ﴿ وَ أَقِيمُواْ آلصَّلاَةَ وَ ءَاتُواْ آلزَّكَاةَ وَ آرْكَعُواْ مَعَ آلرَّاكِعِينَ ﴾ (42). و قال: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ آنْحَرْ ﴾ (43). و قال: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي و نُسُكِي وَ مَحْيَاياَ وَ مَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ آلْعَالَمِينَ ﴾ (44) و غير ذلك كثير. 4- أمر اللّه نبيَّهُ أن يصطبر عليها، فقال: ﴿ وَآمُرْ أَهْلَكَ بِآلصَّلاَةِ وَآصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ ﴾ (45) مع أنه صلى اللّه عليه و سلم مأمور بالاصطبار على جميع العبادات لقوله تعالى: ﴿ وَ آصْطَبِرْ لِعِباَدَتِهِ ﴾ (46) 5- أوجبها اللّه على كل حال، و لم يعذر بها مريضًا، و لا خائفًا، و لا مسافرًا، و لا غير ذلك، بل وقع التخفيف تارة في شروطها، و تارة في عددها، و تارة في أفعالها، و لم تسقط مع ثبات العقل. 6- اشترط اللّه لها أكمل الأحوال: من الطهارة، و الزينة باللباس، و استقبال القبلة مما لم يشترط في غيرها. 7- استعمل فيها جميع أعضاء الإنسان: من القلب، و اللسان، و الجوارح، و ليس ذلك لغيرها. 8- نهى أن يشتغل فيها بغيرها، حتى بالخطرة و اللفضة، و الفكرة. 9- هي دين اللّه الذي يدين به أهل السماوات و الأرض و هي مفتاح شرائع الأنبياء، و لم يبعث نبي إلا بالصلاة. 10- قُرنت بالتصديق بقوله: ﴿ فَلاَ صَدَّقَ وَ لاَ صَلَّى * وَ لَكِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلَّى ﴾ (37)، و خصائص الصلاة كثيرة جدًّا لا تقاس بغيرها (38) . المبحث الخامس: حكم تارك الصلاةترك الصلاة المفروضة كفر، فمن تركها جاحدًا لوجوبها كفر كفرًا أكبر بإجماع أهل العلم، و لو صلَّى (39)، أما من ترك الصلاة بالكلية و هو يعتقد وجوبها و لا يجحدها فإنه يكفر، و الصحيح من أقوال أهل العلم أن كفره أكبر يخرج من الإسلام، لأدلة كثيرة منها على سبيل الاختصار ما يأتي: 1- قال اللّه تعالى: ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَ قَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلى آلسُّجُودِ وَ هُمْ سَالِمُونَ ﴾ (40). و هذا يدل على أن تارك الصلاة مع الكفار و المنافقين الذين تبقى ظهورهم إذا سجد المسلمون قائمة و لو كانوا من المسلمين لأُذِنَ لهم بالسجود كما أُذِن للمسلمين. 2- و قال سبحانه و تعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلاَّ أصْحَابَ آلْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ آلْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ آلْمُصَلِّينَ * وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ آلْمِسْكِينَ * وَ كُنَّا نَخُوضُ مَعَ آلْخَآئِضِينَ * وَ كُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ آلدِّينِ ﴾ (41). فتارك الصلاة من المجرمين السالكين في سقر، و قد قال اللّه تعالى: ﴿ إِنَّ آلْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاٍَل وَ سُعُرْ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي آلنَّاِر عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ ﴾ - القمر : 47-48 - . 3- و قال اللّه - عزَّ و جلَّ - : ﴿ فَإِنْ تَابُواْ وَ أَقَامُواْ آلصَّلاَةَ وَ ءَ اتَوُاْ آلزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي آلدِّينِ وَ نُفَصِّلُ آلآيَاتِ لأِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ - التوبة : 11 - فعلق أخوّتهم للمؤمنين بفعل الصلاة. 4- عن جابر - رضي اللّه عنه - قال : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول : ( بين الرجل و بين الشرك و الكفر ترك الصلاة ) . 5- و عن عبد اللّه بن بريدة عن أبيه، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ( العهد الذي بيننا وبينهم ترك الصلاة، فمن تركها فقد كفر ) 6- و عن عبد اللّه بن شقيق - رضي اللّه عنه - قال : ( كان أصحاب محمد صلى اللّه عليه و سلم لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصَّلاة ) 7- و قد حكى إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة غير واحد من أهل العلم . 8- و ذكر الإمام إبن تيمية أن تارك الصّلاة يكفر الكفر الأكبر لعشرة وجوه. 9- و أورد الإمام إبن القيم - رحمه اللّه - أكثر من إثنين و عشرين دليلاً على كفر تارك الصّلاة الكفر الأكبر. و الصّواب الذي لا شك فيه أن تارك الصّلاة مطلقًا كافر لهذه الأدلة الصريحة. 10- قال الإمام ابن القيم رحمه اللّه : _ و قد دلّ على كفر تارك الصّلاة: الكتاب و السنة، و إجماع الصّحابة ). المبحث السادس: فضل الصّلاة1- تنهى عن الفحشاء و المنكر، قال اللّه تعالى: ﴿ آتْلُ مَآ أُوحِىَ إِلَيْكَ مِنَ آلْكِتَابِ وَ أَقِمِ آلصَّلاَةَ إِنَّ آلصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ آلْفَحْشَآءِ وَ آلْمُنْكَرِ وَ لَذِكْرُ آللّهِ أَكْبَرُ وَ آللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾. 2- أفضل الأعمال بعد الشَّهادتين، لحديث عبد اللّه بن مسعود - رضي اللّه عنه - قال: سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: أيّ العمل أفضل؟ قال: ( الصلاة لوقتها ) قال: قلت: ثم أيّ؟ قال: ( بر الوالدين) قال: قلت: ثم أيّ؟ قال: ( الجهاد في سبيل اللّه ) 3- تغسل الخطايا، لحديث جابر - رضي اللّه عنه - قال: رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: ( مثل الصلوات الخمس كمثل نهرً غمرً على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات ) 4- تكفر السيّئات، لحديث أبي هريرة - رضي اللّه عنه - أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: ( الصلوات الخمس، و الجمعة إلى الجمعة، و رمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن، إذا آجتنبت الكبائر ) . 5- نور لصاحبها في الدنيا و الآخرة، لحديث عبد اللّه بن عمر - رضي اللّه عنهما - عن النبي صلى اللّه عليه و سلم انه ذكر آلصلاة يومًا فقال: ( من حافظ عليها كانت له نورًا و برهانًا و نجاةً يوم القيامة، و من لم يحافظ عليها لم يكن له نور، و لا برهان و لا نجاة، و كان يوم القيامة مع قارون، و فرعون، و هامان، و أبيّ بن خلف ). و في حديث أبي مالك الأشعري - رضي اللّه عنه - : ( و الصلاة نور )، و لحديث بريدة رضي اللّه عنه عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم أنه قال ( بشر المشَّائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة ) 6- يرفع اللّه بها الدرجات و يحط الخطايا، لحديث ثوبان مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن النبي صلى اللّه عليه و سلم انه قال له: ( عليك بكثرة السجود فإنك لا تسجد للّه سجدةً إلا رفعك اللّ÷ بها درجة و حطَّ عنك بها خطيئة ). 7- من أعظم أسباب دخول الجنة برفقة النبي صلى اللّه عليه و سلم، لحديث ربيعة بن كعب الأسلمي - رضي الله عنه - قال: كنت أبيت مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فأتيته بوضوئه و حاجته فقال لي: ( سل) فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: ( أوغير ذلك؟ ) قلت: هو ذاك، قال: ( فأعنّي على نفسك بكثرة السجود ). 8- المشي إليها تكتب به الحسنات و ترفع الدرجات و تحط الخطايا، لحديث أبي هريرة - رضي اللّه عنه - قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: ( من تطهَّر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت اللّه، ليقضي فريضة من فرائض اللّه، كانت خَطْوَتَاهُ إحداهما تحطُّ خطيئة و الأخرى ترفع درجة ). و في الحديث الآخر: ( إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب اللّه عز وجل له حسنة، و لم يضع قدمه اليسرى إلا حط اللّه عز و جل عنه سيئة .. ) 9- تُعدُّ الضيافة في الجنة بها كلما غدا إليها المسلم أو راح، لحديث أبي هريرة - رضي اللّه عنه - عن النبي صلى اللّه عليه و سلم: ( من غدا إلى المسجد أو راح أعد اللّه له في الجنة نُزُلاً كُلَّما غدا أو راح ). و النزل ما يهيأ للضيف عند قدومه. 10- يغفر اللّه بها الذنوب فيما بينها و بين الصلاة التي تليها، لحديث عثمان - رضي اللّه عنه - قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: ( لا يتوضأ رجل مسلم فيحسن الوضوء، فيصلي صلاة إلا غفر اللّه له ما بينه و بين الصلاة التي تليها ) 11- تكفر ما قبلها من الذنوب، لحديث عثمان رضي اللّه عنه - قال: ( ما من آمرىء مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها، و خشوعها، و ركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب، ما لم يأت كبيرة، و ذلك الدهر كله ) 12- تصلي الملائكة على صاحبها ما دام في مصلاَّه، و هو في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لحديث أبي هريرة - رضي اللّه عنه - قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: ( صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته، و صلاته في سوقه بضعًا و عشرين درجةً. و ذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد، لا ينهزه إلا الصلاة لا يريد إلا الصلاة، فلم يخطو خطْوَة إلا رفع له بها درجةً، و حُطَّ عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة تحبسه، و الملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه يقولون: اللّهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه، ما لم يؤذِ فيه، ما لم يحدث فيه ). 13- انتضارها رباط في سبيل اللّه، لحديث أبي هريرة - رضي اللّه عنه - أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: ( ألا أدلكم على ما يمحو اللّه به الخطايا و يرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: ( إسباغ الوضوء على المكاره، و كثرة الخطا إلى المساجد، و انتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط ) 14- أجر من خرج إليها كأجر الحاج المحرم، لحديث أبي أمامة - رضي اللّه عنه - أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: ( من خرج من بيته متطهِّرًا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم، و من خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كاجر المعتمر، و صلاة على إثر صلاة لا لغو بينهما كتابٌ في عليين ) 15- من سُبِق بها و هو من أهلها فله مثل أجر من حضرها، لحديث أبي هريرة - رضي اللّه عنه - قال: قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: ( من توضأ فأحسن الوضوء ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه اللّه - عز و جل - مثل أجر من صلاها و حضرها لا ينقص ذلك من أجرهم شيئًا ) 16- إذا تطهر و خرج إليها فهو في صلاة حتى يرجع، و يكتب له ذهابه و رجوعه، لحديث أبي هريرة - رضي اللّه عنه - قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: ( إذا توضأ احدكم في بيته ثم أتى المسجد كان في صلاة حتى يرجع فلا يقل: هكذا ) و شبك بين أصابعه، و عنه - رضي اللّه عنه - يرفعه: ( من حين يخرج أحدكم من منزله إلى مسجدي فرجلٌ تكتُبُ حسنة و رجلٌ تحطُّ سيئة حتى يرجع ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق